المواطن العربي يقرأ ربع صفحة في السنة

سوف نصير أمة متحضرة حين نعدل أمثالنا الشعبية لتصير على وزن “اللي ما يقرا ما يتعلم ما يديروه النصارى امعلم” و ليس من قبيل “اللي ما شطح ما غنى كيفو كيف الطنة” Delicious booksفالأمم تتقدم بالعلم و ليش بالشطيح و الغناء، غير أننا نلاحظ أن ظاهرة الشطيح و الغناء في بلدنا هي الآخذة في النمو و هي التي يقدم لها الدعم المالي و الإعلامي و هو ما يثبت فرضية أن القاطرة ليست متجهة ببطئ و لكن متجهة نحو الوراء مع القليل من مساحيق التجميل هنا و هناك مداراة للشمس بغربال، الأمر الذي يجعلنا نظهر بمظهر السخرية  أمام الشعوب المتقدمة مهما فعلنا ما لم نفعل الشيء الصحيح.

بمناسبة اليوم العالمي للكتاب الذي يتزامن مع 23 أبريل من كل عام، لا ندري هل على المواطن العربي أن يحتفل أم يبكي حين يعلم أن معدلات نشر الكتب تمثل 30 كتابا لكل مليون مواطن عربي، مقابل 584 كتابا لكل مليون أوروبي، و 212 كتابا لكل مليون أمريكي حسب ما أوردته منظمة اليونسكو. و هو ما يقرر أن معدلات القراءة في الوطن العربي متدنية مقارنة مع المعدلات العالمية.

اختارت اليونسكو يوم 23 أبريل من كل عام ليتم الإحتفاء به كيوم عالمي للكتاب و حقوق المؤلف، و يصادف هذا التاريخ  وفاة كل من ميغيل دي سرفانتس، ويليام شيكسبير، و الاينكا غارسيلاسو دي لافيغا. ليس هذا فحسب بل و يصادف أيضا ولادة أو وفاة عدد من الأدباء المرموقين أمثال موريس دوريون، هالدور ك. لاكسنس، فلاديمير نابوكوف، و مانويل ميخيا فاييخو.

إن مجرد جولة سريعة في شوارع المدينة ستمنحك فكرة عن مدى ولع الناس بالقراءة، فهم منهمكون في ممارسة رياضة التنس المفضلة، “التحنزيز” على أرصفة المقاهي و مشاهدة الطالع و النازل، خصوصا من النساء. أما البقية فيقضون وقتهم في الترفيه، حيث أن دافع الترفيه يمثل 46 بالمائة أثناء استخدام الإنترنت، بينما الدافع للمعلومات يمثل فقط 26 بالمائة.

أما مجموع الفضائيات العربية التي تمثل 482 فضائية، 19 بالمائة قنوات دينية، 18 بالمائة قنوات غنائية، أما القنوات الثقافية فتبلغ فقط 4،8 بالمائة كما ورد في التقرير العربي للتنمية الثقافية، و الذي شاركت في رعايته المؤسسة العربية للعلوم و التكنلوجيا.

و ذكرت منظمة اليونسكو في تقرير لها عن القراءة في الوطن العربي، أن المواطن يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويا، كما أشارت أيضا المنظمة الأمريكية المستقلة للفنون لرصد الكتب المباعة في دول العالم و معدلات القراءة في كل دولة فكشفت عن أن الأمريكي يقرأ 18 كتابا في السنة، و الروسي 6 كتب، و الأوروبي 15 كتابا، أما المواطن العربي فيقرأ ربع صفحة في العام. يقول المثل المغربي: الله يورينا عيبنا قبل ما يشوفوه الناس، لكن يبدو أن هؤلاء الناس الذين يصدرون هذه التقارير لم يروا عيبنا فقط بل رأوا حتى عوراتنا و تأملوا فيها جيدا.

إن المواطن العربي الذي يقرأ بمعدل ربع صفحة في السنة مقارنة مع المواطن الغربي الذي يقرأ بمعدل 200 ساعة في السنة يلزمه أن يتصالح مع الكتاب و إلا سيصير مع مرور الوقت شيئا يدرس عنه في كتب التاريخ، أو يقتنى ليزين به البيت كقطعة أثرية تكمل أثاثه لا غير.

و رحم الله المفكر الكبير مالك بن نبي حين قال مقولته الشهيرة: الأمة التي لا تقرأ تموت قبل أوانها.

 

ضع تعليقا!